الثلاثاء، 16 فبراير 2010

الاحتقان يخيم علي ميلانو بعد مقتل مواطن مصري


خيمت حالة من التوتر والاحتقان الشديدين علي مدينة ملاينو الإيطالية عقب مقتل المواطن المصري أحمد محمود عبدالعزيز السيد علي يد لاتيني‏,‏ وسط تحذيرات رسمية من التعامل بحزم مع الهجرة غير الشرعية وحظر تكوين جيتو داخل المجتمع الإيطالي‏.‏


واعتقلت السلطات الإيطالية أربعة مصريين بتهمة إشاعة الفوضي و إثارة الشغب وتحطيم الممتلكات في أعقاب مصرع المواطن المصري حامد محمود الفايد علي يد لاتيني في منطقة‏'‏ فيا بادوا‏'‏ في مدينة ميلانو بشمال ايطاليا‏.‏

وفي الوقت ذاته‏,‏ مازالت عمليات البحث عن مرتكبي الجريمة مستمرة‏,‏ وكذلك السكين الذي استخدم في قتل الشاب المصري وتبين من خلال التحقيقات الأولية أن الشبهات تحوم حول خمسة أو ستة أفراد ينتمون لعصابة تحمل اسم‏'‏ شيكاجو‏',‏ وقد سبق في أنشطة وتورطت اجرامية في نفس المدينة‏.‏

وأفادت الأنباء الأولية أن تلك العصابة مكونة من نحو‏30‏ شخصا‏,‏ ويجتمعون من حين لآخر في ساحة‏'‏ تروتر‏'‏ علي أطراف منطقة‏'‏ فيا بادوا‏',‏ وأحيانا أخري في مبني يقع في‏16'‏ فيا أرقوا‏',‏ وهو نفس الشارع الذي كان يقطن به القتيل و أصدقاؤه‏.‏ وتبين من خلال استجواب‏37‏ شخصا ومعظمهم مصريون أن من بينهم عشرة‏'‏ مهاجرين غير شرعيين‏'.‏

وقال ابن عم القتيل الذي كان معه لحظة الاعتداء عليه في أقواله للمحققين الإيطاليين‏,‏ إنه كان مع حامد وصديق له من ساحل العاج عائدين من العمل في سيارة نقل عام‏,‏ حيث نشب بينهم تلاسن مستفز مع بعض الشباب اللاتينيين ولدي نزولهم من السيارة فوجئوا بمطاردة الشباب اللاتينيين الذين لحقوا بهم وتطور الاشتباك بالأيدي حيث استل أحد اللاتنيين سكينا واعتدي علي الشاب المصري الذي لم تفلح محاولات إسعافه ولقي مصرعه قبل أن ينقل إلي المستشفي‏.‏ وفور انتقال الخبر للجالية المصرية المقيمة بشارع‏'‏ بادوفا‏'‏ بأحد أحياء ميلانو‏,‏ تدفق المئات منهم إلي موقع الحادث حيث جففوا دماء القتيل بالصحف والماء وحطموا واجهات المحال وحطموا السيارات‏.‏

وقد ساد مناخ محتقن في منطقة‏'‏ فيا بادوا‏',‏ حيث تم تقطيع لافتات حزب‏'‏ رابطة الشمال‏'‏ المشارك في الائتلاف الحاكم‏,‏ فيما صاح آخرون بعبارات منددة بالحزب ومتهمة إياه بالعنصرية و كراهية الأجانب وذلك قبل أيام من الانتخابات المحلية في المدينة والمقرر ان تجري نهاية الشهر الجاري‏.‏

وفي تصريح مثير لرئيس الوزراء الإيطالي سلفيو بيرلسكوني‏-‏ خاصة بعد سلسلة من الفضائح الجنسية‏-‏ أكد أن غير الشرعيين غير مرحب بهم في البلاد‏,‏ إلا أن الفتيات الجميلات منهن يمكن استثناؤهن‏.‏

وفي يونيو‏2009,‏ أثار بيرلوسكوني جدالا مع الكنيسة الكاثوليكية ـ بشكل خاص ـ عندما أكد أنه لدي تجوله في مدينة ميلانو‏'‏ لا يشعر بأنه في مدينة ايطالية أو أوروبية وإنما في مدينة إفريقية‏'.‏

ومن جانبه‏,‏ أكد روبرتو ماروني وزير الداخلية الإيطالي في تصريحات لصحيفة‏'‏ كورييرا ديلا سيرا‏'‏ أنه يتابع ما وقع في‏'‏ فيا بادوا‏'‏ وأضاف أنه يجب العمل مستقبلا علي منع تكدس وجود المهاجرين داخل منطقة واحدة ـ كما هو الحال في فيا بادوا ـ في المستقبل وذلك حتي تخلق‏'‏ مناطق منفصلة‏'‏ أو‏'‏ جيتو‏'‏ داخل الدولة‏.‏

واعتبر أن الحادث الذي وقع يطلق صفارة إنذار حول الوضع المجتمعي في إيطاليا إزاء‏'‏ الحروب‏'‏ التي تنشب بين المهاجرين من مناطق مختلفة‏,‏ ملمحا إلي أن جزءا كبيرا من مدينة ميلانو أصيب بالشلل التام علي مدي خمس ساعات مساء السبت الماضي عقب وقوع الجريمة‏.‏

واعتبر ماروني أن ما قام به المصريون الغاضبون من تحطيم للمحال و السيارات يعد‏'‏ تمردا ضد الدولة‏'‏ ومع ذلك أكد ماروني أن الحل لن يكون باللجوء لأساليب‏'‏ الدولة البوليسية‏'.‏

وأعلن ماروني انه سيكثف الوجود الأمني في ميلانو‏,‏ ملمحا الي أن الأمر لن يتطور الي عسكرة المدينة‏.‏وكشف عن أن ميلانو تضم نحو‏400‏ ألف مهاجر‏..‏

ومن جانبه‏,‏ وصف نائب رئيس بلدية ميلانو ريكاردو دي كوراتو ما حدث بأنه‏'‏ حرب عصابات علي طريقة الغرب الأمريكي بين عصابات من شمال إفريقيا وأخري من أمريكا الجنوبية‏'.‏

وقال الوزير روبرتو كالديرولي من رابطة الشمال المعارضة لاستقبال وايواء المهاجرين والعضو في الائتلاف الحكومي اليميني‏'‏ أننا ندفع ثمن ايديولوجيات الماضي الخاطئة‏...‏سياسة الأبواب المفتوحة‏'.‏

وشبه كالديرولي هذه المواجهات بأعمال الشغب التي شهدتها ضواحي باريس في‏.2005‏ وقال‏'‏ نجحت الحكومة في منع المهاجرين غير الشرعيين من دخول البلاد‏,‏ وعليها الآن أن‏'‏ تتصدي لمن يعيشون هنا للأسف بسبب‏'‏ حكومة يسار الوسط السابقة‏.‏

ودعا وزير الدفاع ايناسيو لا روسا إلي الحزم في التعامل مع الهجرة غير القانونية‏,‏ وقال‏'‏ سنحاربها‏,‏ من دون مبالغة‏,‏ وكذلك بدون أي تهاون‏,‏ ولو ضئيل‏'.‏

وردت المعارضة علي الفور علي لسان انا فينوتشيارو رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ بقولها‏'‏ لا يمكن حل مسألة مثل مسألة الهجرة من خلال التصريحات الدعائية‏'.‏

وكان وزير الداخلية الايطالي روبرتو ماروني قد أعلن مؤخرا عن بدء العمل قريبا بنظام جديد لمنح تصاريح الإقامة للمهاجرين في ايطاليا يقوم علي مبدأ جمع النقاط ويعتمد معايير عدة من بينها إتقان اللغة الايطالية ومعرفة بنود الدستور‏.‏ وفي حال ارتكب المهاجر مخالفة أو جنحة تخصم منه نقاط‏.‏

وكانت ايطاليا قد أكدت لدي مناقشة ملخص تقريرها أمام مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة في‏9‏ فبراير الحالي التزامها بمكافحة التفرقة العنصرية وكراهية الأجانب‏,‏ مشيرة خصوصا إلي الحوادث العنصرية في روزارنو‏(‏ جنوب‏)‏ الشهر الماضي‏.‏

وفي غضون ذلك‏,‏ دعا السفير أشرف جمال راشد سفير مصر لدي إيطاليا الجاليات المصرية في كافة أنحاء ايطاليا وبصفة خاصة بمدينة ميلانو إلي الالتزام بالحكمة وضبط النفس من أجل الحفاظ علي حقوق القتيل لدي سلطات الأمن والقضاء الإيطالي وعدم تحويل القضية إلي قضية شغب يضر بمصالحهم ولا تفيد ما يحول القضية الأساسية وهي قتل مواطن مصري إلي مصادمات في الشارع تثير حفيظة المواطن الإيطالي الذي تعرضت ممتلكاته من سيارات وواجهات محال تجارية للإعتداء والتخريب‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق